بنفسج

قصص ترويها النساء في غزة: الحمل والولادة في الحرب والنزوح [1]

الثلاثاء 23 ابريل

في كل يوم يقتل الاحتلال أمًا إلى أربع أمهات، ومنذ 6 أشهر يُتّم 7000 طفل، و4 آلاف منهم فقدوا أمهاتهم، والبقية فقدوا آباءهم، أو آباءهم وأمهاتهم معًا، ومنهم من فقد كل عائلته، بما اعتيد تسميتهم بالناجي الوحيد!

الفكرة التي تناقش هنا في هذه السلسلة، تعتمد بالأساس على شهادات الضحايا، أو المستهدفات، بما يثبت بأنهن مستهدفات من النساء. إذ نفترض بداية، أن الحرب التي تشنها إسرائيل حربٌ وجودية، بما يثبت حقها بملكية الأرض ووجودها على المكان، بما يؤدي إلى ضرورة مفادها، عدم أحقية الفلسطيني بأرضه، وإن كان كذلك، فاستهدافه هو الخيار المتاح والضروري، والإسرائيلي إنما يستهدف وجود الفلسطيني، برحم الأم ووجودها.

 فالحرب حتى الآن قتلت بما يزيد عن 9 آلاف أم، بما معدله أربع أمهات في اليوم الواحد، ويستهدف الحوامل والمقبلات على الولادة على وجه الخصوص، ويستهدف الأجنة كذلك، سواء في بطون أمهاتهم، أو الذين لم يغادروا حضانات المستشفيات من حديثي الولادة، وكذلك النطف المجمدة، كما حصل عندما دمر مركز البسمة للإخصاب وأطفال الأنابيب يوم 17 نيسان/ أبريل 2024.لإثبات هذه الادعاءات يجب إثبات الروايات الحية للنساء اللوات لا زلن على قيد الحياة، واللواتي فقدن ورويت قصصهن، ليثبتن في الذاكرة الفلسطينية الحيّة.

شهادات حيّة: الإجهاض وسوء التغذية 

الإجهاض والولادات المبكرة.jpg

تتعرض الحوامل في غزة لخطر الإجهاض المُبكر لأسباب كثيرة أهمها الخوف والهلع، والنزوح والمشي لساعات طويلة، فضلًا عن سوء التغذية، المياه الملوثة، البرد الشديد، وانعدام الرعاية الصحية والأدوية. تقول إحدى الأمهات اللوات مررن بتجربة الولادة خلال الحرب:"الخوف بتعبني، كثير بحس بتقلصات شديدة جدًا بتصيير معي، ولدت على الحصيرة بالمدرسة، وقصيت الحبل السري بسكينة".

"كنت حامل بالسابع وولدت شق، عديت بمراحل كثيرة، انقصفت البيوت جنب بيوتنا، كنت في المعمداني وانقصفنا في المعمداني وربنا سلمنا، ولما وصلنا هان طلعنا من غزة بعد ٤٠ يوم، وهان عانيت كثير برضو في خيمة قعدنا وهينا وصلنا هان وولدت شق وابني بالعناية والحمد لله".

وعن سوء تغذية الحوامل سمعنا الكثير من الروايات، تقول سيدة: "أنا رؤى السنداوي حامل بثلاثة توائم، دمي ٩، وولادتي خلال أسبوعين وستكون ولادة قيصرية، محتاجة تغذية مناسبة خاصة عشان تعلي دمي مع الفيتامينات والحديد إلي باخذهم لأنه فش تغذية بس في معلبات وأنا ممنوعة من أكل المعلبات وكله غالي. وأنا قبل الحرب وصفلي الدكتور ٣ بيضات يوميًا وحليب وخضروات وسكر ولمون، ممنوع ينقطعوا من عنا، خلال الحرب كلشي انقطع، وكذا مرة يغمى علي من قلة الأكل".

في كل يوم يقتل الاحتلال أمًا إلى أربع أمهات، ومنذ 6 أشهر يُتّم 7000 طفل، و4 آلاف منهم فقدوا أمهاتهم، والبقية فقدوا آباءهم، أو آباءهم وأمهاتهم معًا، ومنهم من فقد كل عائلته، بما اعتيد تسميتهم بالناجي الوحيد!

 وكباقي الأمهات كن يحلمن ويخططن، لأفضل ولادة، وأجمل ملابس لأبنائهن، وأجمل غرف للأطفال، مزينة ملون جميلة، ولكن هيهات هيهات، تتابع السنداوي: "أنا مش نفسي أصرخ، أنا نفسي أضل أعيط وأعيط وأعيط، يعني أنا في حملي هادا كنت مخططة كتير أشياء، لأنهم هم ثلاثة (توائم)، يعني كنت مخططالهم أجبلهم أحسن الأواعي وأعملهم غرفة، وكنا نحوشلهم، وأنا أدويتي كتيرة، في عندي علاج كل أسبوع ٥٥ شيكل، ومش قادرة أوفر بطلت ألاقي. بتحس حالك بدك تنفجر من القهر والضغط إلي إنت فيه، عمري فحياتي ما توقعت إلي احنا فيه، عمري ما توقعت أطلب من حدا، كان وضعنا منيح قبل الحرب ومش محتاجين إشي من حدا".

إسلام حمد، وهي نازحة فلسطينية تقول: "أنا في الشهر الرابع حقي يكون عندي غذاء منيح وأشياء زي هيك، مفيش أي حاجة، فش هنا حدا يفحص، فش أي حاجة حتى من ناحية الأدوية فش أدوية، أنا خايفة الحرب اضل مستمرة من هين لأولد، وأنا خايفة لما يحكو إنه أصلًا ما فيش بنج".

تقول أم أخرى: "حاصرونا وبقينا لثلاثة أيام بلا مياه أو طعام، لدي ثلاثة أطفال توأم، لا نستطيع توفير المياه لتحضير الحليب لهم، ليس من أجل الكبار بل من أجل الأطفال، لقد شعروا بالخوف، لا أعرف ماذا أقول إنها مجاعة، الوضع سئ جدًا أكثر مما تتخيل".

الولادة المبكرة والعمليات القيصرية 

الولادة المبكرة والعمليات القيصرية.jpg

في مشاهداتنا المتعددة للولادات في الحرب، أو فترة حمل السيدات في غزة، ما يستحيل تصديقه لولا رؤيته، يقول محمد زقوت مدير مستشفى ناصر: "غالبًا ما نعطي الولادّات الشاش المعقم لكي يعضضن عليه لتخفيف الألم الذي يشعرن به. إما الألم الشديد أو الموت، مصير محتّم على السيدات الحوامل في قطاع غزة اللواتي يكتوين بصرخات الألم تحت أسقف المستشفيات لإنجاب أطفالهن على أمل أن يبقينَ على قيد الحياة بعد أوجاعٍ يمكن أن يتوفينَ منها. هذه التحديات تعيشها أكثر من 150 ألف امرأة حامل ومرضعة لا تستطعن الوصول إلى الخدمات الأساسية حيث الوضع يزداد سوءًا كل ساعة. أجريت عدة عمليات منها عمليات قيصرية لسيدات بدون بنج على الإطلاق وهذا كان شيء مؤلم جدًا".

وفي ظلّ انهيار النظام الصحي وانعدام الأدوية والغذاء والماء وغيرها في القطاع، نساء غزة وخاصة الحوامل تنقصهنّ الاحتياجات الأساسية لضمان سلامتهنّ خلال الحمل وحتى بعد الإنجاب.الدكتورة سمر جبارين، ممرضة من غزة، تقول: "في ولادات قيصرية عاجلة في ظل الحرب على قطاع غزة، في عنا أمهات جرحى وفي عنا أطفال لأمهات متوفيات".وقالت منظمة "أشكن إيد الدولية": "إن 180 امرأة حاملًا تواجه خطر الموت كل يوم أثناء الولادة القيصرية التي تتم دون تعقيمٍ أو تخدير".